جاري التحميل الآن
×

الأمير مقرن بن عبدالعزيز.. التواضع الذي يشبه النبل

الأمير مقرن بن عبدالعزيز.. التواضع الذي يشبه النبل

الأمير مقرن بن عبدالعزيز.. التواضع الذي يشبه النبل

 

رأيته صغيرًا، وكانت النظرة الأولى كفيلة بأن تخلّد في الذاكرة معنى الهيبة التي لا تثقلها الكلفة، والعظمة التي تستظل باللطف لا بالمسافة.
كان الأمير مقرن – حفظه الله – قريبا من الناس، قريبًا من قلوبهم قبل مجالسهم، يراهم بعين المسؤول الذي لم ينسَ أنه إنسان، ويعاملهم بروحٍ يسكنها الإحسان قبل البروتوكول.

ولولا ما في القلب من إجلالٍ لمقامه، وتقديرٍ لعظمة تواضعه وسموّ سيرته، لما حملني القلم على البوح.
سطّرته وفاءً لصورةٍ لا تغيب عن الذاكرة؛ لرجلٍ جمع بين الحنان والهيبة، وبين رهافة الخُلُق وسموّ المقام، فكان أثره ممتدًا في القلب كما في الوطن.
وكيف لا، وهو من السلالة التي تأنف التعالي، وترى في التواضع تاج السيادة، وفي القرب من الناس رفعةً لا تُنال بالمناصب ولا تُستعار بالألقاب.

لم يكن حضوره عابرًا، بل يترك في النفس أثرًا يشبه السكينة، وصدىً يليق بأهل الحكمة والوقار. يتحدث بصوتٍ يزرع الهيبة دون استعلاء، ويصغي بصدقٍ يهب السامع شعورًا بأن الكلمة عنده أمانة، والموقف عهد.
تخرّج في مدرسة والده المؤسس – طيّب الله ثراه – التي علمت أبناءها أن خدمة الدين والوطن لا تكون بالشعارات، بل بالعمل، وأن القيادة لا تكتمل إلا إذا اقترنت بالرحمة وعدل القلوب قبل عدل القوانين.

الأمير مقرن رجلٌ تماهت فيه الحكمة بالتواضع، والصرامة بالرأفة، والسيادة بالإنسانية. لم تُبدّله المناصب، ولم تُغَيِّر فيه الأيام طباع النبلاء؛ بل ظل كما عهدناه، نقيّ السريرة، رفيع الهمة، ثابت المبدأ.
يمنح من حوله الطمأنينة دون أن يتكلم، ويترك في كل مجلسٍ عبير وقارٍ لا يُشترى، لأنه ابن الأصالة والسمو، وسليلُ من جعلوا خدمة الإنسان بابًا إلى رضا الرحمن.

ولأن القلب لا ينسى من ترك فيه بصمة الوفاء، أستعيد صورته كما رأيتها وأنا طفلٌ بين الناس؛ لم تبهت مع الزمن، بل ازدادت بهاءً.
فالتواضع عنده طبعٌ لا تصنّع، والرفق سجيّةٌ لا مكرمة، ومن يرى عطفه على الصغير واحترامه للكبير يدرك أن الحنان إذا اجتمع بالحكمة صاغ رجلاً استثنائيًا، لا تكرره الأيام.

سلامٌ عليه في حضوره وغيابه، في ذكراه وأثره، في صوته الذي يسكن الذاكرة، وفي خلقه الذي يظل شاهدًا على أن المجد حين يُقرن بالتواضع، يولد منه الجمال النبيل.

 

إرسال التعليق

ربما تكون قد فاتتك