جاري التحميل الآن

الحلقة العاشرة: رمضان في ذاكرة الزمن الجميل!

رمضان في ذاكرة الزمن الجميل

الحلقة العاشرة: رمضان في ذاكرة الزمن الجميل!

 

بقلم: عيسى المزمومي

رمضان هو مدرسة نتعلم منها دروسًا عديدة، وكذلك نستوحي من الكبار في إنسانيتهم وأخلاقهم وأسلوب حياتهم معانٍ عديدة تخلد في ذاكرتنا الزمن الجميل، زمن الود والصفاء. وفي عالمٍ تغلب عليه الفردية ويسوده التنافس الشديد، يبرز بعض الأشخاص الذين يسلكون طريقًا مختلفًا، طريق العطاء بلا مقابل، والبذل بلا انتظار لرد الجميل. هؤلاء يشبهون النهر الجاري، يمنح الحياة لكل من حوله دون أن يسأل من يستحق ومن لا يستحق. ومن بين هؤلاء، يبرز اسم الدكتور الوجيه “عبدالله السيهاتي” كرمزٍ للكرم والجود، رجل جعل من العطاء نهجًا، ومن جمع القلوب رسالة يحملها بكل حب وإخلاص!
حين نتأمل شخصية الدكتور السيهاتي، نجد أن الكرم ليس مجرد عادة مكتسبة أو سلوكًا عابرًا، بل هو فلسفة متجذرة، وإرثٌ عائليٌ تحول إلى منهج حياة. ففي مجلسه العامر بمدينة سيهات، يجمع الدكتور السيهاتي أطياف المجتمع في مأدبة سحور سنوية، ليست مجرد مائدة للطعام، بل مساحة للقاء القلوب، حيث يلتقي الكبار والصغار، العلماء والمثقفون، الرياضيون والفنانون، في أجواء تسودها المحبة والتقدير والاحترام. مثل هذه المبادرات تعيد إلينا مفهومًا ربما غاب عن كثيرين، وهو أن العطاء ليس مجرد فعل عابر، بل هو هوية أصيلة، وحالة من الوعي العميق بأن الخير لا ينقص حين نتقاسمه، بل يزداد أثره وقيمته.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل العطاء وراثي، أم أنه اختيار شخصي؟ الحقيقة أن الإرث قد يكون بذرة، لكنه يحتاج إلى يدٍ ترعاه حتى يصبح شجرة وارفة الظلال. فكثيرون يرثون القيم، لكن قلة فقط هم الذين يحيونها ويجعلونها جزءًا من واقعهم اليومي. وهنا يظهر الفرق بين من يرى العطاء واجبًا اجتماعيًا، ومن يجعله شغفًا ورسالة.
الكرم ليس مجرد سخاء مادي، بل هو حالة روحية، تتجلى في الإحساس بالآخرين، والاستعداد الدائم لفتح الأبواب ومدّ الأيدي. الدكتور السيهاتي لا يجمع الناس على مائدة الطعام فقط، بل يجمعهم على مائدة القيم والمبادئ، حيث يسود الاحترام والتقدير المتبادل، فلا فرق بين كبير وصغير، أو مشهور ومغمور، فالكل محل ترحيب وتقدير.
في زمنٍ أصبحت فيه العلاقات سطحية والمجتمعات أكثر تباعدًا، يظهر العطاء كوسيلة لإعادة بناء الجسور بين القلوب. فالدكتور السيهاتي لا يستضيف ضيوفه بدافع المجاملة، بل يرى في كل لقاء فرصة لاستثمار حقيقي في الإنسان، لتعزيز قيم المحبة والتواصل، وترسيخ حقيقة أن المجتمع القوي لا يُبنى بالماديات فقط، بل بالمودة والاحترام والتعاون.
الكرم ليس حكرًا على من يملك المال، بل هو متاح لكل من يملك روحًا معطاءة. قد يكون الكرم في ابتسامة صادقة، أو وقت تمنحه لمن يحتاجك، أو كلمة طيبة تزرع بها الأمل في قلبٍ منهك. الدكتور عبدالله السيهاتي ابو نجيب ، ليس مجرد رجل كريم، بل هو نموذج يُلهم الآخرين، يذكرنا بأن العطاء ليس استثناءً، بل يجب أن يكون القاعدة. فمتى ما أعطينا بلا حساب، وجدنا الحياة ترد إلينا أضعاف ما بذلنا، ليس بالضرورة في المال، ولكن في راحة القلب وسعادة الروح ومحبة الناس. كن كريمًا، فالعالم بحاجة إلى مزيد من النهر الجاري!

إرسال التعليق

ربما تكون قد فاتتك